بحث في فقه السنة والويب

Thursday, October 1, 2009

الغسل

الغسل

الغسل معناه : تعميم البدن بالماء ، وهو مشروع ، لقول الله تعالى : ( وإن كنتم جنبا فاطهروا ) وقوله تعالى : ( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى ، فاعتزلوا النساء في المحيض ، ولا تقربوهن حتى يطهرن ، فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ، إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ( 1 ) ) . وله مباحث تنحصر فيما يأتي :

( 1 ) سورة البقرة آية : 222 . ( . )

يجب الغسل لامور خمسة :

( الاول ) خروج المني بشهوة في النوم أو اليقظة من ذكر أو أنثى وهو قول عامة الفقهاء . لحديث أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الماء من الماء ( 1 ) رواه مسلم ، وعن أم سلمة رضي الله عنها : أن أم سليم قالت : يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق ، فهل على المرأة غسل إذا احتلمت ؟ قال : ( نعم ، إذا رأت الماء ) رواه الشيخان وغيرهما .

( 1 ) الماء من الماء : أي الاغتسال من الانزال ،

فالماء الاول الماء المطهر ، والثاني المني . وهنا صور كثيرا ما تقع ، أحببنا أن ننبه عليها للحاجة إليها : ا - إذا خرج المني من غير شهوة ، بل لمرض أو برد فلا يجب الغسل . ففي حديث علي رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : ( فإذا فضخت الماء ( 2 ) فاغتسل ) ، رواه أبو داود . قال مجاهد : بينا نحن أصحاب ابن عباس - حلق في المسجد : - ( طاووس ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة - وابن عباس قائم يصلي ) إذا وقف علينا رجل فقال : هل من مفت ؟ فقلنا : سل ، فقال إني كلما بلت تبعه الماء الدافق ؟ قلنا الذي يكون منه الولد ؟ قال : نعم ، قلنا : عليك الغسل ، قال : فولى الرجل وهو يرجع ، قال : وعجل ابن عباس في صلاته ، ثم قال لعكرمة علي بالرجل ، وأقبل علينا فقال : أرأيتم ما أفتيتم به هذا الرجل ، عن كتاب الله ؟ قلنا : لا . قال : فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلنا : لا ، قال : فعن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلنا لا ، قال : فعمه ؟ قلنا : عن رأينا ، قال : فلذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد ) قال : وجاء الرجل فأقبل عليه ابن عباس فقال : أرأيت إذا كان ذلك منك ، أتجد شهوة في قبلك ؟ قال : لا ، قال : فهل تجد خدرا في جسدك ؟ قال : لا ، قال إنما هذه إبردة ، يجزيك منها الوضوء ) .

( هامش ) ( 2 ) ( الفضخ ) خروج المني بشدة . ( . )

ب - إذا احتلم ولم يجد منيا فلا غسل عليه ، قال ابن المنذر . أجمع على هذا كل من أحفط عنه من أهل العلم ، وفي حديث أم سليم المتقدم فهل على المرأة غسل إذا احتلمت ؟ قال : ( نعم إذا رأت الماء ) ما يدل على أنها إذا لم تره فلا غسل عليها ، لكن إذا خرج بعد الاستيقاظ وجب عليها الغسل .

ح - إذا انتبه من النوم فوجد بللا ولم يذكر احتلاما ، فإن تيقن أنه مني فعليه الغسل ، لان الظاهر أن خروجه كان لاحتلام نسيه ، فإن شك ولم يعلم ، هل هو مني أو غيره ؟ فعيله الغسل احتياطا . وقال مجادة وقتادة : لا غسل عليه حتى يوقن بالماء الدافق ، لان اليقين بقاء الطهارة ، فلا يزول بالشك .

د - أحس بانتقال المني عند الشهوة ، فأمسك ذكره فلم يخرج فلا غسل عليه ، لما تقدم من أن النبي صلى الله عليه وسلم علق الاغتسال على رؤية الماء . فلا يثبت الحكم بدونه ، لكن إن مشى فخرج منه المني فعليه الغسل .

ه‍ - رأى في ثوبه منيا ، لا يعلم وقت حصوله ، وكان قد صلى ، يلزمه إعادة الصلاة من آخر نومة له ، إلا أن يرى ما يدل على أنه قبلها ، فيعيد من أدنى نومة يحتمل أنه منها . ( الثاني ) : إلتقاء الخنانين : أي تغييب الحشفة في الفرج وإن لم يحصل إنزال ، لقول الله تعالى : ( وإن كنتم جنبا فاطهروا ) قال الشافعي : كلام العرب يقتضي أن الجنابة تطلق بالحقيقة على الجماع وإن لم يكن فيه إنزال ، قال : فإن كل من خوطب بأن فلانا أجنب عن فلانة عقل أنه أصابها وإن لم ينزل . قال : ولم يختلف أحد أن الزنا الذي يجب به الجلد هو الجماع ، ولو لم يكن منه إنزال ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا جلس بين شعبها الاربع ( 1 ) ثم جهدها فقد وجب الغسل . أنزل أم لم ينزل ) رواه أحمد ومسلم ، وعن سعيد ابن المسيب : أن أبا موسى الاشعري رضي الله عنه قال لعائشة : إني أريد أن أسألك عن شئ وأنا استحي منك ، فقالت : سل ولا تستحي فإنما أنا أمك ، فسألها عن الرجل يغشى ولا ينزل فقالت عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا أصاب الختان الختان فقد وجب الغسل ) ، رواه أحمد ومالك بألفاظ مختلفة . ولا بد من الايلاج بالفعل ، أما مجرد المس من غير إيلاج فلا غسل على واحد منهما إجماعا .

( 1 ) ( الشعب الاربع ) : يداها ورجلاها . ( والجهد ) كناية عن معالجة الايلاج . ( . )

( الثالث ) : انقطاع الحيض والنفاس : لقول الله تعالى ( ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ) ، ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها ( دعي الصلاة قدر الايام التي كنت تحيضين فيها ، اغتسلي وصلي ) متفق عليه ، وهذا ، وإن كان واردا في الحيض ، إلا أن النفاس كالحيض بإجماع الصحابة ، فإن ولدت ولم ير الدم فقيل عليها الغسل ، وقيل لا غسل عليها ، ولم يرد نص في ذلك .

( الرابع ) الموت : إذا مات المسلم وجب تغسيله إجماعا ، على تفصيل يأتي في موضعه . ( الخامس ) : الكافر إذا أسلم : إذا أسلم الكافر يجب عليه الغسل ، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه : أن ثمامة الحنفي أسر ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يغدو إليه فيقول : ما عندك يا ثمامة ؟ فيقول : إن تقتل تقتل ذا دم ، وإن تمنن تمنن على شاكر ، وإن ترد المال نعطك منه ما شئت ، وكان أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يحبون الفداء ويقولون : ما نصنع بقتل هذا ؟ فمر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم ، فحله وبعث به إلى حائط أبي طلحة ( 1 ) وأمره أن يغتسل ، فاغتسل وصلى ركعتين ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لقد حسن إسلام أخيكم ) رواه أحمد وأصله عند الشيخين ( 1 ) ( الحائط ) : البستان . ( . )

No comments:

Post a Comment

المواضيع الاكثر زيارة

Total Pageviews