بحث في فقه السنة والويب

Thursday, October 1, 2009

فرائض الوضوء

فرائض الوضوء: للوضوء فرائض وأركان تتركب منها حقيقته ، إذا تخلف فرض منها لا يتحقق ولا يعتد به شرعا ، وإليك بيانها :

( الفرض الاول ) : النية ، وحقيقتها الارادة المتوجهة نحو الفعل ، ابتغاء رضا الله تعالى وامتثال حكمه ، وهي عمل قلبي محض لا دخل للسان فيه ، والتلفظ بها غير مشروع ، ودليل فرضيتها حديث عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما الاعمال بالنيات ( 1 ) وإنما لكل امرئ ما نوى . . . ) الحديث رواه الجماعة .

( الفرض الثاني ) غسل الوجه مرة واحدة : أي إسالة الماء عليه ، لان معنى الغسل الاسالة . وحد الوجه من أعلى تسطيح الجبهة إلى أسفل اللحيين طولا ، ومن شحمة الاذن إلى شحمة الاذن عرضا .

( الفرض الثالث ) غسل اليدين إلى المرفقين ، والمرفق هو المفصل الذي بين العضد والساعد ، ويدخل المرفقان فيما يجب غسله وهذا هو المضطرد من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم أنه ترك غسلهما :

( الفرض الرابع ) مسح الرأس ، والمسح معناه الاصابة بالبلل ، ولا يتحقق إلا بحركة العضو الماسح ملصقا بالممسوح فوضع اليد أو الاصبع على الرأس أو غيره لا يسمى مسحا ، ثم إن ظاهر قوله تعالى : ( وامسحوا برءوسكم ) لا يقتضي وجوب تعميم الرأس بالمسح ، بل يفهم منه أن مسح بعض الرأس يكفي في الامتثال ، والمحفوظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذاك طرق ثلاث :

( ا ) مسح جميع رأسه : ففي حديث عبد الله بن زيد ( أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر ، بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه ) رواه الجماعة .

( ب ) مسحه على العمامة وحدها : ففي حديث عمرو بن أمية رضي الله عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على عمامته وخفيه ) ، رواه أحمد والبخاري وابن ماجة . وعن بلال : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( امسحوا على الخفين والحمار ( 2 ) ) رواه أحمد . وقال عمر رضي الله عنه : ( من لم يطهره المسح على العمامة لا طهره الله )

( 1 ) ( إنما الاعمال بالنيات ) : أي إنما صحتها بالنيات ، فالعمل بدونها لا يعتد به شرعا . ( 2 ) ( الخمار ) الثوب الذي يوضع على الرأس كالعمامة وغيرها

وقد ورد في ذلك أحاديث رواها البخاري ومسلم وغيرهما من الائمة . كما ورد العمل به عن كثير من أهل العلم .

( ج ) مسحه على الناصية والعمامة ، ففي حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة والخفين ) رواه مسلم . هذا هو المحفوظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يحفظ عنه الاقتصار على مسح بعض الرأس ، وإن كان ظاهر الاية يقتضيه كما تقدم ، ثم إنه لا يكفي مسح الشعر الخارج عن محاذاة الرأس كالضفيرة .

( الفرض الخامس ) : غسل الرجلين مع الكعبين ، وهذا هو الثابت المتواتر من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وقوله . قال ابن عمر رضي الله عنهما : تخلف عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرة فأدركنا وقد أرهقنا ( 1 ) العصر ، فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا فنادى بأعلى صوته : ( ويل للاعقاب ( 2 ) من النار ) مرتين أو ثلاثا ، متفق عليه ، وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى : أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على غسل العقبين . وما تقدم من الفرائض هو المنصوص عليه في قول الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ) ( 3 ) .

( 1 ) ( أرهقنا ) أخرنا . ( 2 ) ( العقب ) العظم الناتئ عند مفصل الساق والقدم . ( 3 ) سورة المائدة آية 6 .

( الفرض السادس ) : الترتيب ، لان الله تعالى قد ذكر في الاية فرائض الوضوء مرتبة مع فصل الرجلين عن اليدين - وفريضة كل منهما الغسل - بالرأس الذي فريضته المسح ، والعرب لا تقطع النظير عن نظيره إلا لفائدة . وهي هنا الترتيب ، والاية ما سبقت إلا لبيان الواجب ، ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( ابدأوا بما بدأ الله به ) ومضت السنة العملية على هذا الترتيب بين الاركان فلم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه توضأ إلا مرتبا ، والوضوء عبادة ومدار الامر في العبادات على الاتباع ، فليس لاحد أن يخالف المأثور في كيفية وضوئه صلى الله عليه وسلم ، خصوصا ما كان مضطردا منها .

No comments:

Post a Comment

المواضيع الاكثر زيارة

Total Pageviews