بحث في فقه السنة والويب

Thursday, November 24, 2011

اقوال في صلاة الجمعة


ومن تأمل فيما وقع في هذه العبادة الفاضلة - التي افترضها الله عليهم في الاسبوع وجعلها شعارا من شعائر الاسلام ، وهي صلاة الجمعة - من الاقوال الساقطة والمذاهب الزائفة والاجتهادات الداحضة (الباطلة ) قضى من ذلك العجب فقائل يقول الخطبة كركعتين وإن من فاتته لم تصح جمعته وكأنه لم يبلغه ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طرق متعددة يقوي بعضها بعضا ، ويشد بعضها عضد بعض : أن من فاتته ركعة من ركعتي الجمعة فليضف إليها أخرى وقد تمت صلاته ، ولا بلغه غير هذا الحديث من الادلة . وقائل يقول : لا تنعقد الجمعة إلا بثلاثة مع الامام ، وقائل يقول بأربعة ، وقائل يقول بسبعة ، وقائل يقول بتسعة ، وقائل يقول باثني عشر ، وقائل يقول بعشرين ، وقائل يقول بثلاثين ، وقائل يقول لا تنعقد إلا بأربعين ، وقائل يقول بخمسين ، وقائل يقول لا تنعقد إلا بسبعين وقائل يقول فيما بين ذلك ، وقائل يقول بجمع كثير من غير تقييد وقائل يقول إن الجمعة لا تصح إلا في مصر جامع . وحده بعضهم بأن يكون الساكنون فيه كذا وكذا من الالاف . وآخر قال أن يكون فيه جامع وحمام ، وآخر قال أن يكون فيه كذا وكذا وآخر قال إنها لا تجب إلا مع الامام الاعظم فإن لم يوجد أو كان مختل العدالة بوجه من الوجوه لم تجب الجمعة ولم تشرع ، ونحو هذه الاقوال التي ليس عليها أثارة من علم ولا يوجد في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حرف واحد يدل على ما ادعوه من كون هذه الامور المذكورة شروطا لصحة الجمعة أو فرضا من فرائضها أو ركنا من أركانها . فيا لله للعجب مماى فعل الرأي بأهله ، وما يخرج من رؤوسهم من الخزعبلات الشبيهة بما يتحدث الناس به في مجامعهم وما يخبرونه في أسمارهم من القصص والاحاديث الملفقة وهي عن الشريعة المطهرة بمعزل ، يعرف هذا كل عارف بالكتاب والسنة وكل متصف بصفة الانصاف وكل من ثبت قدمه ولم يتزلزل عن طريق الحق بالقيل والقال ، ومن جاء بالغلط فغلطه رد عليه مردود في وجهه . والحكم بين العباد هو كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما قال سبحانه : ( فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول ) ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا ) ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) . فهذه الايات ونحوها تدل أبلغ دلالة وتفيد أعظم فائدة أن المرجع مع الاختلاف هو حكم الله ورسوله . وحكم الله هو كتابه ، وحكم رسوله بعد أن قبضه الله تعالى هو سنته ليس غير ذلك ، ولم يجعل الله تعالى لاحد من العباد وإن بلغ في العلم أعلى مبلغ وجمع منه ما لا يجمع غيره أن يقول في هذه الشريعة بشئ لا دليل عليه من كتاب ولا سنة . والمجتهد ، وإن جاءت الرخصة له بالعمل برأيه عند عدم الدليل ، فلا رخصة لغيره أن يأخذ بذلك الرأي كائنا من كان . وإني ، كما علم الله ، لا أزال أكثر التعجب من وقوع مثل هذا للمصنفين وتصديره في كتب الهداية وأمر العوام والمقصرين باعتقاده والعمل به وهو على شفا جرف هار ، ولم يختص بمذهب من المذاهب ولا بقطر من الاقطار ولا بعصر من العصور : بل تبع فيه الاخر الاول كأنه أخذه من أم الكتاب وهو حديث خرافة . وقد كثرت التعيينات في هذه العبادة كما سبقت الاشارة إليها بلا برهان ولا قرآن ولا شرع ولا عقل . 

No comments:

Post a Comment

المواضيع الاكثر زيارة

Total Pageviews