بحث في فقه السنة والويب

Tuesday, November 8, 2011

مسافة القصر

مسافة القصر 
المتبادر من الاية أن أي سفر في اللغة طال أم قصر تقصر من أجله الصلاة وتجمع ويباح فيه الفطر ، ولم يرد من السنة ما يقيد هذا الاطلاق . وقد نقل ابن المنذر وغيره في هذه المسألة أكثر من عشرين قولا ونحن نذكر هنا أصح ما ورد في ذلك : روى أحمد ومسلم وأبو داود والبيهقي عن يحيى بن يزيد قال : سألت أنس بن مالك عن قصر الصلاة فقال أنس : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو فراسخ يصلي ركعتين . قال الحافظ ابن حجر في الفتح : وهو أصح حديث ورد في بيان ذلك وأصرحه . والتردد بين الاميال والفراسخ يدفعه ما ذكره أبو سعيد الخدري قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر فرسخا يقصر الصلاة . رواه سعيد بن منصور وذكره الحافظ في التلخيص وأقره بسكوته عنه . ومن المعروف أن الفرسخ ثلاثة أميال فيكون حديث أبي سعيد رافعا للشك الواقع في حديث أنس ومبينا أن أقل مسافة قصر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة كانت ثلاثة أميال والفرسخ 5541 مترا والميل 1748 مترا . وأقل ما ورد في مسافة القصر ميل واحد رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن ابن عمر . وبه أخذ ابن حزم ، وقال محتجا على ترك القصر فيما دون الميل : بأنه صلى الله عليه وسلم خرج إلى البقيع لدفن الموتى وخرج إلى الفضاء لقضاء الحاجة ولم يقصر . وأما ما ذهب إليه الفقهاء من اشتراط السفر الطويل وأقله مرحلتان عند البعض وثلاث مراحل عند البعض الاخر فقد كفانا مئونة الرد عليهم الامام أبو القاسم الخرقي قال في المغني : قال المصنف : ولا أرى لما صار إليه الائمة حجة . لان أقوال الصحابة متعارضة مختلفة ولا حجة فيها مع الاختلاف . وقد روي عن ابن عمر وابن عباس خلاف ما احتج به أصحابنا ، ثم لو لم يوجد ذلك لم يكن في قولهم حجة مع قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله . وإذا لم تثبت أقوالهم امتنع المصير إلى التقدير الذي ذكروه لوجهين أحدهما أنه مخالف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم التي رويناها ولظاهر القرآن لان ظاهره إباحة القصر لمن ضرب في الارض لقوله تعالى : ( وإذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ) وقد سقط شرط الخوف بالخبر المذكور عن يعلى بن أمية فبقي ظاهر الاية متناولا كل ضرب في الارض ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم ( يمسح المسافر ثلاثة أيام ) جاء لبيان مدة المسح فلا يحتج به ههنا ، وعلى أنه يمكن قطع المسافة القصيرة في ثلاثة أيام وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم سفرا فقال : ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الاخر أن تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم ) . والثاني أن التقدير بابه التوقيف فلا يجوز المصير إليه برأي مجرد سيما وليس له أصل يرد إليه ولا نظير يقاس عليه ، والحجة مع من أباح القصر لكل مسافر إلا أن ينعقد الاجماع على خلافه . ويستوي في ذلك السفر في الطائرة أو القاطرة كما يستوي سفر الطاعة وغيره . ومن كان عمله يقتضي السفر دائما مثل الملاح والمكاري فإنه يرخص له القصر والفطر لانه مسافر حقيقة .

No comments:

Post a Comment

المواضيع الاكثر زيارة

Total Pageviews