بحث في فقه السنة والويب

Tuesday, June 7, 2016

حكم مانع الزكـاة

حكم مانع الزكـاة

الزكاة من الفرائض، التي أجمعت عليها الأمة، واشتهرت شهرة جعلتها من ضروريات الدين، بحيث لو أنكر وجوبها أحد، خرج عن الإسلام، وقتل كفراً، إلا إذا كان حديث عهد بالإسلام، فإنه يعذر؛ لجهله بأحكامه. أما من امتنع عن أدائها - مع اعتقاده وجوبها - فإنه أثم بامتناعه، دون أَن يخرجه ذلك عن الإسلام، وعلّى الحاكم، أن يأخذها منه قهراً ويعزره، ولا يأخذ من ماله أزيد منها، إلا عند أحمد، والشافعي، في القديم، فإنه يأخذها منه، ونصف ماله؛ عقوبة له (1)؛ لما رواه أَحمد، والنسائي، وأبو داود،و الحاكم، والبيهقي، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "في كل إبل سائمة، في كل أربعين ابنة لبون، لا يفرق إبل عنِ حسابها، من أعطاها مؤتجراً (2)، فله أجرها، ومن منعها، فإنا آخذوها وشطر ماله، عزمة (3) من عزمات ربنا - تبارك وتعالى - لا يحل لآل محمد منها شيء (4). وسئل أحمد عن إسناده ؟ فقال: صالح الإسناد. وقال الحاكم في بهز: حديثه صحيح (5) ولو امتنع قوم عن أدائها - مع اعتقادهم وجوبه! - وكانت لهم قوة ومنعة، فإنهم يقاتَلّون عليها، حتى يعطوها؛ لما رواه البخاري، ومسلّم، عن ابن عمر - رضي اللّه عنهما - اًن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أمرت أن أقاتل الناسَ، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسولُ اللّه، ويُقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلّوا ذلك، عَصموا منِّي دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله "(6).
ولما رواه الجماعة، عن أبي هريرة، قال: لما توفي رسول اللهصلى الله عليه وسلم، وكان أبو بكر، وكفر من كفر من العرب، فقال عمر: كيف تقاتل الناس (7) ؟ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله. فمن قالها، فقد عصم مني ماله ونفسه، إلا بحقه، وحسابه على الله تعالى". فقال: واللّه، لأقاتلن من فرَّق بين الصلاة والزكاة، فإنَّ الزكاة حق المال، والله، لو منعوني عناقاً (8)، كانوا يؤدُونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقاتلّتهم على منعها. فقال عمر: فوالله، ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال، فعرفت اًنه الحق (9). ولفظ مسلم، وأبي داود، والترمذي ؟ لو منعوني عقالاً (10). بدل: عناقاً.




( 1) ويلحق به من أَخفي ماله، ومنع الزكاة، ثم انكشف أمره للحاكم.
(2) " مؤتجراً " أَي؛ طالبا الأجر.
(3) "عزمة" أي حقاً من الحقوق الواجبة.
(4) النسائي: كتاب الزكاة - باب عقوبة مانع الزكاة، برقم ( 44 4 2) (5 / 5 1 )، وباب سقوط الزكاة عن الإبل إذا كانت رسلا لأهلها ولحمولتهم، برقم (49 24) (5 / 25)، وأبو داود: كتاب الزكاة - باب في زكاة السائمة، برقم (575 1 ) (2 / 33 2)، والدارمي: كتاب الزكاة - باب ليس في عوامل الإبل صدقة ( 1 / 6 39)، وأحمد، في: المسند (5 / 2، 4)، والبيهقى: كتاب الزكاة - باب ما بسقط الصدقة عن الماشية (4 / 16 1 )، والحاكم: كتاب الزكاة - باب اكبر الكبائر الإشراك ( 1 / 398) وقال: هذا حدث صحيح الإسناد على ما قدمنا ذكره، في تصحيح هذه الصحيفة، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. (5) روى البيهغي، أن الشافعي، قال: هذا الحدبث لا يئبته أهل العلم بالحديث، ولو ثبت، قلنا به.
(6) البخاري بنحوه: كماب الصلاة - باب فضل استقبال القبلة ( 1 / 108، 109 )، ومعـلم: كتاب الإيمان - باب الأمر بقتال الناس، حتى يقولوا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله. ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكـاة.. الخ، برقم (136 / 53)، والبيهقي: كتاب الزكـاة - بـاب الأمهات تموت وتبقى السخـال نصاباً، فيؤخذ منها ( 4 / 4 0 1 )، والحاكـم: كتاب الزكـاة ( 1 / 387)، وأبو داود: كتـاب الجهاد - بـاب علـى مـا يقاتل المشركون، برقم ( 1 264) (3 / 1 0 1، 2 0 ا)، والنسائي: كتاب تحريم الدم - باب، رقم ( 1 ) برقم (67 39) (5 / 6 7).
(7) المراد بهم بنو يربوع، وكانوا جمعوا الزكاة، وأرادوا اًن يبعثوا به إلى أي بكر، فمنعهم مالك بن نويرة من ذلك، وفرقها فيهم، فهؤلاء هم الذين عرض الخلاف في أمرهم، ووقف الشبهة لعمر فى شأنهم، مما اقتضى مناظرته لأبي بكر، واحتجاجه على قتالهم بالحديث، وكان قتاله لهم في أول خلافته سنة إحدى عشرة من الهجرة.
(8 ) " عناقاً " أي؛ أنثى المعز، التي لم تبلغ سنة.
( 9) البخاري: كتـاب الزكـاة - بـاب وجـوب الزكـاة ( 2 / 131 )، وكتـاب استتابـة المرتدين والمعانديـن الخ (9 / 9 1، 0 2)، وكتاب الاعتصام بالكتاب والسنة - باب الإقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم.. الخ (9 /113 )ومسلم: كتاب الإيمان - باب الأمر بقتال الناس، حتى يقولوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله...، برقم(32)( 1 / 51، 52)، والترمذي: كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - باب ما جاء امرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، برقم (7 0 36) (5 / 3، 4 )، والنسائي: كتاب الزكاة - باب مانع الزكاة، برقم (43 4 2) ( 5 / 14، 15)، وكتاب الجهاد - باب وجوب الجهاد، برقم ( 3091) (6 / 5)، وكتاب تحريم الدم باب ( 1 )، برقم (3969) (7 / 76، 77)، وأبو داود: كتاب الزكاة - باب رقم ( 1 ) برقم (1556) ( 2 / 98 1 ) وقال في الجامع الصغير: أَخرجه الجماعة، وهو متواتر. والبيهقى: كتاب الزكاة - باب الأمهات تموت وتبقى السخال نصاباً فيؤخذ منها (4 / 4 0 ا)، والحاكم: كتاب الزكاة ( 1 / 387) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد غير أَن الشيخين لم يخرجا عمران القطان، وليس لهما حجة في تركه فانه مستقيم الحديث. ووافقه الذهبي.
(10) التحقيق، أَنه الحبل الذي يعقل به البعير، وأَن الكلام وارد على وجه المبالغة.

No comments:

Post a Comment

المواضيع الاكثر زيارة

Total Pageviews